تخيّل أنّك تقود سيارتك على طريق سريع، كل شيء يبدو على ما يرام، لكن فجأة تلاحظ علامة تحذيرية تُشير إلى خلل في المحرك.. هل ستكمل رحلتك متجاهلًا الإشارة؟ بالطبع لا، لأنك تعرف أن التأخير قد يؤدي إلى كارثة. هذا ما يشبه تمامًا تمدد و ارتخاء الشريان الأورطي في جسم الإنسان؛ إشارة خطر تستدعي التدخل قبل فوات الأوان.

في هذه المقالة، سنتعرف على القاتل الصامت.. تمدد الشريان الأورطي، وسنعرف أسبابه وأعراضه، وكيفية التعامل معه بطريقة تضمن الحفاظ على صحتك.

ما هو ارتخاء الشريان الأورطي (ما يُعرف بتمدد الشريان)؟

الشريان الأورطي هو أكبر شريان في الجسم، وهو المسؤول عن نقل الدم المؤكسج من القلب إلى باقي أعضاء الجسم. عندما يحدث تمدد في جدار الشريان الأورطي، يصبح ضعيفًا وأقل مرونة، مما يجعله عُرضة للتوسع أو التمزق. هذه الحالة تُعرف طبيًا بـ”تمدد الشريان الأورطي” أو “Aortic Aneurysm”، وهي حالة قد تكون مهددة للحياة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.

تكمن خطورة هذه المشكلة في أن التمدد يحصل بصورة تدريجية ولا يشعر به المريض، إلى أن يصل إلى درجة كبيرة للغاية، يكون فيها الشريان عرضة للتمزق أو الانفجار بصورة مفاجئة.. ما يؤدي غالبًا إلى نزيف كبير، ومن ثم الموت المفاجئ.

لماذا يحدث تمدد الشريان الأورطي؟

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تمدد وارتخاء الشريان الأورطي، بعضها يرتبط بالعمر، والبعض الآخر يتعلق بنمط الحياة أو العامل الوراثي.

إليك أبرز العوامل التي تُساهم في زيادة حدّة تمدد الشريان الأورطي:

• ارتفاع ضغط الدم المزمن، فالضغط المستمر على جدار الشريان يجعله أكثر عُرضة للتمدد.
• التدخين، فالمواد الكيميائية في السجائر تُضعف الأوعية الدموية وتؤثر على صحّة الجسم بصورة عامة.
• التقدم في العمر، إذ تفقد الأوعية مرونتها الطبيعية مع كبر السن.
• الأمراض الوراثية، كما في بعض الحالات مثل متلازمة مارفان التي تؤدي إلى ضعف جدران الأوعية الدموية.
• تصلب الشرايين، حيث إن تراكم الدهون والكوليسترول يُضعف الشريان ويزيد خطر التمدد.
• الإصابات أو الجراحة السابقة.

كيف تعرف إذا كنت تعاني من تمدد أو ارتخاء الشريان الأورطي؟

للأسف، ارتخاء الشريان الأورطي قد لا يُظهر أي أعراض واضحة في المراحل المبكرة كما أشرنا سابقًا، وهذا هو السرّ وراء تسميته “القاتل الصامت”، حيث تستمر الحالة في التطور دون أن يلاحظ المريض شيئًا، وعادة ما يكتشفه عن طريق الصدفة في أثناء الفحوصات، ولذلك يوصي أطباء الأوعية الدموية بضرورة إجراء الفحوصات الدورية، وخاصّة لمن كان لديه تاريخ عائلي للإصابة بهذا المرض.

ومع ذلك، عندما يبدأ الشريان بالتمدد أو يُصبح مهددًا بالتمزق، قد تظهر الأعراض التالية:

• ألم شديد ومفاجئ في الصدر أو الظهر وغالبًا يشعر المريض أنه لا يُمكن تحمّله.
• صعوبة في التنفس، بسبب الضغط على الرئتين.
• نبض قوي في البطن، خاصة إذا كان التمدد في الشريان الأورطي البطني.
• الإغماء أو الدوخة، نتيجة لانخفاض تدفق الدم.
• ألم في الساقين.

إذا شعرت بأي من أعراض تمدد الشريان الأورطي ، فلا تنتظر، واطلب المساعدة الطبية فورًا، لأن تمزق الشريان الأورطي من حالات الطوارئ.

قصّة تخيّلية لما قد يحدث حال الإصابة بتمدد الشريان الأورطي

أحمد رجل مُدخن في الأربعين من عمره، كان يمارس عمله المكتبي يوميًا، بدأ يُلاحظ ألمًا متكررًا في الظهر مع شعور غريب بنبض قوي في بطنه، لكنه تجاهله معتقدًا أنه مجرد إجهاد. ذات يوم في أثناء اجتماع مهم، شعر بألم حاد في صدره وأُغمي عليه. تم نقله إلى المستشفى، حيث اكتشف الأطباء أنه يُعاني من تمدد الشريان الأورطي البطني.

لحسن الحظ، تم إنقاذ أحمد بفضل الجراحة الطارئة، وأدرك بعدها أن التغيير في نمط حياته ضرورة وليس خيارًا. توقف عن التدخين، واهتم بممارسة الرياضة، وبدأ بمتابعة ضغط دمه بانتظام.

هذه القصّة التخيّلية تنوّه لنا جميعًا بأهمية الانتباه لصحتنا وعدم تجاهل الأعراض التي قد تظهر ونفسّرها تفسيرات غير طبيّة.. كسلًا أو خوفًا من الذهاب للطبيب.

وتعرف ايضا علي تكلفة عملية الشريان الأورطي

كيف يمكن الوقاية من تمدد الشريان الأورطي؟

الوقاية دائمًا خير من العلاج، وفيما يلي أهم ما يمكنك اتباعه للوقاية من تمدد وارتخاء الشريان الأورطي:

• راقب ضغطك بانتظام واستشر طبيبك إذا لاحظت ارتفاعًا مستمرًا.
• تجنّب التدخين أو اقلع عنه كليًا، فذلك يعزز صحة الأوعية الدموية.
• اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا، وقلّل من الدهون المشبعة وزد من تناول الخضروات والفواكه.
• مارس التمارين الرياضية، فالنشاط البدني المنتظم يُحسّن صحة القلب والشرايين.
• احرص على الفحوصات الدورية، وخاصّة إذا كان لديك تاريخ عائلي للمرض.
• تخلص من عوامل التوتر، فالإجهاد المزمن قد يؤثر على صحة الأوعية الدموية.

ما هي طرق علاج تمدد الشريان الأورطي؟

إذا تم تشخيصك بتمدد أو ارتخاء الشريان الأورطي فإن العلاج يعتمد على حجم التمدد وخطورته، بما يشمل:

• المتابعة الدورية، وذلك في حال إذا كان التمدد صغيرًا وغير مهدد للحياة.
• الأدوية، مثل أدوية خفض ضغط الدم أو الكوليسترول لتقليل الضغط على الشريان.
• الجراحة، وذلك إذا كان التمدد كبيرًا أو مهددًا بالتمزق، وغالبًا ما سيكون الخيار المُتاح في هذه الحالة هو تركيب دعامة الشريان الأورطي.

تعرف علي نسبة نجاح عملية الشريان الأورطي

وأخيرًا، يؤكد الدكتور أحمد زكي -استشاري جراحة الأوعية الدموية- على ضرورة خضوع المرضى أصحاب التاريخ العائلي للإصابة بتمدد الشريان الأورطي للفحص الدوري، حتى وإن لم تظهر عليهم أي أعراض، وذلك لأنه وكما وضّحنا سابقًا، معظم حالات التمدد تُكتشف بالصدفة في مثل هذه الفحوصات الدورية.