نؤمن جميعًا بالمقولة التي تنص على أن الماء شريان الحياة لكل كائن حي، وعلى غرار تلك المقولة دعونا نجزم بأن الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى تعمل بمثابة شريان الحياة بالنسبة لهم، إذ تمكنهم من عيش حياة طبيعية كأقرانهم من الأصحاء رغم توقف الكلى لديهم عن أداء وظائفها بالكامل، والتي تتلخص في تنقية الدم من السموم.
ترى ما هي وظيفة الوصلة الشريانية الوريدية؟ وهل تتوفر بعدة أنواع؟ ولم يلزم تركيبها في ظروف تعقيمية فائقة في غرفة العمليات؟ وكيف للمريض التعايش معها والحفاظ عليها نظيفة؟
نجيب عن هذه التساؤلات ونتناول جميع المعلومات التي تهم المقبلين على تركيب هذه الوصلة في فقرات هذا المقال.
كيف تُعيد الوصلة الوريدية الشريانية الحياة لمرضى غسيل الكلى؟
حصول مرضى الفشل الكلوي على حياة طبيعية يتطلب خضوعهم إلى جلسات غسيل كلوي ناجحة عدد من المرات أسبوعيًا حسب حالتهم، فخلالها تسحب مضخة جهاز غسيل الكلى الدم من الجسم بأكلمه لتُمرره على عدة فلاتر تنقيه من السموم والسوائل الزائدة، وتُعيد ضخه إلى الجسم مرة أخرى.
وفي أثناء هذه العملية يكون معدل ضغط الدم الذي يضخه جهاز غسيل الكلى إلى الجسم مرة أخرى مرتفعًا للغالية، لذلك يلزم لإتمام هذه الخطوة بكفاءة وجود وريد قوي في جسم المريض يتحمل ضغط الدم المرتفع، وهذه ببساطة وظيفة الوصلة الشريانية الوريدية.
إذ تعتمد فكرتها على توصيل أحد شرايين الذراع بوريد سطحي، وذلك لتضخيمه وتقوية جدرانه تمهيدًا لاستخدامه في جلسات الغسيل الكلوي بصورة دائمة فيما بعد.
ولعل لهذه الوصلات مزايا عدة جعلتها شريان الحياة بالنسبة لمرضى الغسيل الكلوي.
مزايا الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى
تشمل أهم مزايا هذه الوصلات:
- وسيلة دائمة لعملية الغسيل الكلوي تقي المريض الألم والمعاناة عند تركيب القساطر الصناعية والمضاعفات المتعلقة بها.
- أقل عرضة للالتهابات البكتيرية أو الجلطات.
- توجد بنوعين أساسيين، طبيعية يُستعان فيها بشرايين وأوردة المريض، وصناعية يُركب فيها شريان صناعي، وهي مناسبة أكثر للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شرايين وأوردة الذراع.
وعليه يلزم للحصول على أقصى استفادة من الوصلة الشريانية الوريدية الاستعانة بجراح أوعية دموية متمرس لتحديد النوع المناسب لكل مريض، والوقت الأنسب لتركيبها -أيضًا-.
الوقت المناسب لتركيب الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى
بالنسبة للمرضى الذين يتعرضون لنوبات التهاب الكلى المتكررة، وقد أثبتت فحوصاتهم أن توقف الكلى عن عملها قادم لا محالة، ينصحهم أطباء الكلى بضرورة الاستعانة في أقرب وقت بجراح أوعية دموية، وذلك لتركيب الوصلة الشريانية الوريدية -قبل الحاجة إلى جلسات غسيل الكلى- بنحو شهرين إلى ثلاثة أشهر.
ويكمن الهدف من ذلك في أن الوصلة تحتاج فترة تتراوح من 6 إلى 8 أسابيع لتكون جاهزة للعمل بكفاءة على جهاز غسيل الكلى، وبالتالي يكون المريض مستعدًا للغسيل عن طريقها، ولا يضطر إلى الاستعانة بوسائل أخرى أقل كفاءة، مثل القساطر الصناعية.
ولعل الخضوع لهذا الإجراء يستدعي بعض الاستعدادت الهامة من قبل المريض لضمان سلامته ونجاح العملية.
تعليمات هامة يوصي بها الطبيب تضمن سلامتك عند تركيب الوصلة
قبل عملية تركيب الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى، يوصيهم الجراح بالتعليمات الآتية:
- التوقف عن تناول أي أدوية للسيولة مدة أسبوع قبل العملية.
- مراجعة طبيب أمراض الباطنة للحفاظ على ضغط الدم في معدلاته الطبيعية.
- عمل فحوصات وظائف الكلى اليوم السابق للعملية وعرضها على الجراح.
- تناول المضادات الحيوية الموصوفة في مواعيدها المحددة، وعلى الأغلب تبدأ من اليوم السابق للعملية.
- إخبار الطبيب عند المعاناة من أي نزلات برد مفاجئة أو التهابات بكتيرية.
الالتزام بهذه التعليمات يجعلك جاهزًا للخضوع لهذا الإجراء في أقرب وقت ممكن، ويقيك من المضاعفات المحتملة.
عملية تركيب الوصلة الوريدية الشريانية
تحت تأثير التخدير الموضعي وفي ظروف تعقيمية عالية الجودة داخل غرفة العمليات، يبدأ جراح الأوعية الدموية في عمل الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى على النحو التالي:
- عمل شق جراحي صغير في الذراع، سواء في منطقة الرسغ أو بالقرب من الكوع، حسب مكان الشريان.
- عمل وصلة بين الشريان ووريد سطحي أو تسطيح أحد الأوردة في حالة عدم وجود وريد سطحي قوي.
- في حالة تركيب وصلة صناعية، يُزرع أنبوب بلاستيكي في الذراع أو الفخذ ليعمل كحلقة وصل بين الشريان والوريد.
نصائح وتعليمات ما بعد العملية
يساعدك الالتزام بالنصائح التالية في الحصول على وصلة شريانية وريدية عالية الكفاءة دون مضاعفات.
- مراقبة الوصلة يوميًا والتأكد من وجود النبض بها، وغياب أي نزيف شديد أو إفرازات صديدية حول الضمادات.
- تجنب حمل أشياء ثقيلة بالذراع الخاضع للعملية.
- تفادي النوم على الذراع الذي توجد الوصلة به.
- تحفيز تدفق الدورة الدموية عبر الوصلة من خلال الضغط على كرة اسفنجية بكف اليد.
- شرب كميات كافية من السوائل للحفاظ على ضغط الدم في معدلاته الطبيعية، وتجنب انخفاض ضغط الدم الذي قد يُفسد الوصلة.
- تفادي قياس ضغط الدم أو سحب عينة دم لفحصها من الذراع الخاضع للعملية.
- تجنب ثني الذراع للحفاظ على تدفق الدم إلى الوصلة.
- عدم ارتداء ملابس ضيقة أو ساعات أو أساور في الذراع التي تحتوي على الوصلة.
- الالتزام بمواعيد المتابعة الدورية لدى جراح الأوعية الدموية للتأكد من سلامة الوصلة وعملها بكفاءة.
إهمال هذه النصائح قد يُعرضك لمضاعفات خطيرة
التهاون في الالتزام بنصائح ما بعد عملية الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى يوقعهم في مشكلات عدة، لعل أبرزها:
- الإصابة بعدوى بكتيرية في منقطة الوصلة وزيادة احتمالية تعرضهم لتسمم الدم.
- انسداد الوصلة الوريدية بسبب انخفاض ضغط الدم خلالها، ما يدفع الجراح إلى ربطها وإزالتها على الفور.
- قلة كمية الدم المتدفقة عبر الذراع أو الفخذ، ما قد يُسبب فقدان الإحساس بهما وتدهور أدائهما الوظيفي.
- التأخر في خضوعهم لجلسات الغسيل الكلوى عن طريقها، واللجوء إلى أساليب أخرى مثل القساطر الصناعية التي تمتلك كثيرًا من العيوب، أبرزها العدوى.
وعليه فإن التزامك بهذه النصائح البسيطة يُغنيك عن الوقوع في هذه المشكلات، كما يمنحك وصلة وريدية شريانية تدوم لأطول فترة ممكنة، بشرط اتباع تعليمات جراح الأوعية الدموية للحفاظ عليها في أثناء وبعد الجلسات.
حافظ على نظافة الوصلة وكفاءتها من خلال التعليمات الآتية
عليك اتباع التعليمات الآتية للحفاظ على نظافة الوصلة الوريدية قبل وبعد الجلسات:
- غسل الوصلة والذراع جيدًا بالماء والصابون المُعقم قبل كل جلسة غسيل كلى.
- استخدام المسكن الموضعي قبل البدء في جلسة الغسيل عبر الوصلة للحد من الألم.
- عدم استخدام الوصلة لحقن أي محاليل وريدية، مثل المضادات الحيوية وغيرها.
- التأكد من سلامة الوصلة يوميًا من خلال فحص النبض بها.
في نهاية مقالنا الذى اهتم بالحديث عن الوصلة الوريدية الشريانية لمرضى غسيل الكلى، نستنتج أن نجاح الوصلة واستمرار عملها لا يعتمد فقط على كفاءة الجراح وتمرسه في أداء خطوات العملية، بل يُشاركه المسؤولية المريض -أيضًا- عن طريق التزامه بالتعليمات السابقة.
يمكنكم طرح مزيد من الاستفسارات عن الوصلة الوريدية الشريانية من خلال حجز موعد مع الدكتور أحمد زكي -مدرس واستشاري جراحات الأوعية الدموية بكلية الطب- عبر الأرقام الموضحة في الموقع الإلكتروني.